المكان المرتب للإنجاز
عندما قررت مذاكرة أصعب مادة في تخصصي الجامعي، اجتهدت في ترتيب مكتبي الدراسي، اشتريت أقلام و ملصقات جديدة وقوائم مهام، أعددت كوب الشاي بالنعناع، وأشعلت شمعة زكية الرائحة، ومصباحاً خافتاً؛ لكي لا يشتتني الضوء عن التركيز في الدراسة, ولكن ما أن انتهيت من الفصل الأول حتى داهمني النعاس، ولم أستطع المقاومة فقررت أخذ قسطًا من الراحة، لأصحو في اليوم التالي ولم يتبقى على الامتحان سوى ساعات محدودة! نهضت بسرعة، ونسيت كل تلك النصائح، ذهبت لطاولة الطعام في المطبخ وبدأت الدراسة، بصوتٍ عالي، أشرح دروسي للطماطم والفلفل والبطاطس، واكتشفت بعدها أن أجود ساعات مذاكرتي تكون دائمًا على طاولة الطعام في المطبخ.
لكل منا طريقته الخاصة ووقته الخاص ليكون ذهنه على استعداد تام لاستقبال المعلومات وفهمها، فالدراسة في المكتب قد تناسب الكثير ولكنها لا تناسب الكل، فالبعض يفضل المذاكرة بوجود قليل من الضوضاء، والبعض الآخر يفضل الهدوء التام، وهناك من يستغل أوقات الصباح للدراسة، وهناك من لا يستطيع التركيز إلا بعد منتصف الليل، وهذا أمر طبيعي لا يستدعي القلق فهو يرجع لاختلافات شخصياتنا وبيئتنا، أما بالنسبة للطريقة التي نستذكر فيها المعلومات فهي أيضاً تختلف باختلاف طبيعة المادة الدراسية فهناك المادة النظرية التي تعتمد على الحفظ، و المادة العملية التي تعتمد على الفهم، ويحدد مقدار اجتهادنا فيها مستوى قدرتنا على الحفظ أو الفهم.
بالنهاية المكان والوقت هما عنصران هامان، ولكن الدراسة تحتاج أحياناً إلى بعض التضحيات كأن ندرس في أوقات لا نفضل الدراسة فيها، أو نذاكر في أماكن يصعب علينا التركيز فيها، وقد نضحي بجمعات العائلة والأصدقاء لأن الغاية العظيمة تستحق أن نبذل فيها الكثير من التنازلات.